كتب الاستاذ عبدالبارى عطوان في صحيفته ” رأى اليوم ” التالى :
( خطا المجلس العسكري السوداني الحاكِم خطوةً مُعيبةً ومُستَهجنَةً لتوثيق عُلاقاته مع دولة الاحتِلال الإسرائيلي والولايات المتحدة الأمريكيّة بالإعلان عن تفكيك “امبراطوريّة” حماس الماليّة في السودان التي قدّرتها تسريبات من قِبَله إلى وكالة أنباء “رويترز” بِما يَقرُب المِليار ونِصف المِليار دولار، وتشمل 12 شركة تجاريّة وفُندقًا في قلب العاصمة، وأكثر من مِليون هكتار من الأراضي الزراعيّة، ومحطّة تلفزيونيّة. ). . . انتهى حديث عبدالبارى عطوان
بالطبع لم يأت السيد عطوان على سيرة لجنة إزالة التمكين وتفكيك نظام الثلاثين من يونيو في مقاله ، من قريب أو بعيد . وإذا وجدنا له العذر أنه لم يسمع بهذه اللجنة ، فللرجل علاقات واسعة بأخوان السودان في بريطانيا وقطر . فكان على الاقل يستشيرهم ويسمع رأيهم قبل ان يهرع الى مقاله ويحوّل الموضوع برمته الى هواجسه المعتادة حول التطبيع . وينبرى للدفاع عن حماس ، وكأن حركة حماس هي الحق الذى لا يأتيه الباطل من بين يديه .
ونستغرب كيف نسي الاستاذ عبدالبارى ان حركة حماس كانت حليفا قويا لنظام من اشد انواع الانظمة قهرا لشعبه على طول وعرض الوطن العربى . بل فاق اسرائيل نفسها في العنف الذى وصل حد ارتكاب جريمة الابادة الجماعية . وفاق اعداد القتلى في جنوب البلاد ودارفور وجبال النوبة والنيل الازرق ، عدد سكان فلسطين الى الضعفين وربما يزيد . وهو النظام الذى شطر السودان الى نصفين .
نقول للاستاذ عطوان أننا لا نريد الاساءة اليك في شخصك ، لكن ما تقوم به في هذا الصدد هو نوع من التهريج والغوغائية ، لا تليق بكم . ونرد عليك بنفس منطقك في المقال : فعلى أيّ قاعدة “إسلاميّة” أو “أخلاقيّة” كانت تقوم علاقة حماس بنظام سودانى يرتكب من المجازر بحق شعبه اضعاف مما ترتكبه اسرائيل بحق الفلسطينيين . ومن المفارقات ان حماس كانت تنادى بولاية المحكمة الجنائية الدولية على احداث غزة في كل مرة . وترى في نفس المحكمة انها سياسية عندما يقترن الامر بإخوانهم على عرش الخرطوم . واذا رجعنا للمفارقة الكبرى ، فحركة حماس كانت بإستمرار تتهم الدول العربية بإنها تعمل على شق الصف الفلسطينى في الوقت الذى يقف السيد خالد مشعل في الخرطوم ويحتفي ب ” الدبابين ” ، وهي مجموعة مما تسمى بالمجاهدين كانت تفجر الدبابات في حرب الجنوب . مما يعنى انه يحشر أنفه في شئون غيره ويعمل على تشجيع الاقتتال بين ابناء السودان . وفي هذا انحياز واضح الى فريق يعتقد انه يمثله ايدولوجيا ويتفق معه في اشواقه الروحية ولا تعنيه وحدة أهل السودان .
يا سيد عبدالبارى : ان حركة حماس ما دامت تسير على نهج الاخوان فهي حركة ارهابية في فكرها ولا اعنى في صراعها مع الاحتلال فذلك امر مشروع . لها ولكل الفصائل الفلسطينية . ونحن السودانيون أكثر شعوب الارض معرفة بأهوال الارهاب . ولقد جّربنا حكم الاخوان لثلاثين عاما عجافا وخبرنا ما لا عين رأت ولا اذن سمعت . ونستطيع ان نقول . لو قُدّر ان تقوم الدولة الفلسطينية المستقلة وعلى رأسها حماس ، لتمنى الشعب الفلسطينى ايام الاحتلال . ستقتلهم وتسرقهم وتدفع بهم ثانية الى المنافى . وارجو ، يا سيد عطوان ، ألا ترخي أذنك مليا الى الافندى وخالد الاعيسر وامثالهم من الاخونجية ، فلا فرق بين الترابى والبشير و لا فرق بين قوش وتيجانى عبدالقادر . فكلهم من نفس الطينة و نفس المنبع وفي النهاية كله توزيع للادوار على خشبة المسرح .
يا سيد عبدالبارى ، نحن شعب فقير ولدينا من الازمات والمشاكل ما تنوء عن حملها الجبال . فأتركوننا في حالنا . فنحن نحتاج الى عشرات السنين لتضميد جراحنا والعبور ببلادنا الى الامن والى مياه الشرب النقية والادوية المنقذة للحياة والتعليم البسيط الذى يرتقى بعقول اطفالنا ونطمح الى ما تيسر من الغذاء الذى يسد القليل من جوعنا . ولو وصلنا الى مستوى المستشفيات والمدارس في الجمهورية السورية في عشرية التسعينيان ، نكون قد قد عبرنا الى الرفاهية التى تضاهى رفاهية الاسكندناف . عليه نرجو منكم ألا تكتبوا مثل هذا السخف وتستعدوا علينا اقلام مثقفي العربان الخائبة وتخلي البسوى وما بسوى يتمسخر علينا .