وصلنى كتاب عمر القراى عن ” المهدية ” الكتاب عبارة عن مراجعة ونقد لفتاوى وآراء الامام المهدى وخليفته عبدالله ود تورشين . يقع الكتاب في 160 صفحة من الحجم المتوسط . في هذا الخيط السريع احب ان اعرض عليكم شيئا استوقفنى . لقد ورد في الكتاب قصة كنت قد سمعتها قبل سنوات طويلة ولكننى نسيتها والآن اعادها الكتاب الى السطح . وفحوى القصة ان السيد أحمد ودسليمان أمين بيت المال واحد المقربين من الامام المهدى قد احتفظ في مكان آمن بشعرة سقطت من رأس الامام المهدى . وكان الخليفة يتهم ود سليمان بالتواطؤ مع الاشراف ضده فخاف الخليفة ان تجمع هذه الشعرة الناس حوله وحول الاشراف وتتسع قاعدة المعارضة لحكمه . فطلب الخليفة من ود سليمان ان يأتيه بالشعرة . وعندما احضرها الاخير قام الخليفة ( بإبتلاع الشعرة ) . انا زاتى مستغرب كيف الزول يقدر يبلع شعرة ! المهم الخليفة قام برر ابتلاعة للشعرة بإختلاق قصة دينية فيها نبى الله الخضر والامام المهدى والملائكة ، مؤداها ان من يبتلع الشعرة ستحميه من النفاق وتبعث النور في قلبه .
سأقوم بتصوير مقتطفات عن تلك الحادثة من الكتاب لاحقا . وخلونا نواصل ما تبقى من الخيط .
اننى اعتقد ان الزمن قد تجاوز آثار المهدية وارى ان الاجيال الجديدة تنظر الى دولة المهدى كأثر من آثار اجدادنا القدماء وسيرى فيها فقط ، بخيرها وشرها ، انها كانت من بواكير حركات التحرر الوطنى في القارة الافريقية ضد الغزاة . وربما يقف قليلا على براعة الامام المهدى في التخطيط والنظرة الاستراتيجية للتغيير . على خلاف المك نمر . الذى تعامل بردة الفعل حين أحرق اسماعيل باشا . مما دفع الدفتردار الى حرق عشرات الالآف من السودانيين انتقاما لمقتل اسماعيل باشا .
ان كتاب القراى ربما يمد الباحثين ببعض الخيوط ويفسّر بعض الامور ، لكنه لا يفيد هذا الجيل الذى يمتطى صهوة العولمة وينطلق بعقله الى آفاق بعيدة لا تحدها حدود . من المستحيل ان ترجع سيرة المهدية الاولى بأفكارها وتطبيقاتها الماضية . ان قصارى ما سيفعله حزب الامة ، الجناح السياسى لطائفة الانصار ، هو المناداة بدولة ” مدنية ” تطبق قوانين الشريعة الاسلامية في حدود ما يسمح به العصر واشتراطاته . وهي محاولة خجولة لتبرئة الذمة امام ما تبقى من قواعد الحزب التقليدية .